العلاقة بين الفن والمجتمع.. طاش ما طاش نموذجا

4٬032

القى المخرج التلفزيوني المعروف الأستاذ عبد الخالق الغانم محاضرة تحت عنوان “العلاقة بين الفن والمجتمع: طاش ما طاش نموذجا” وذلك في منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف مساء الثلاثاء 22 ربيع الأول 1428هـ الموافق 10 ابريل 2007م، حضرها جمع كبير من المتابعين لهذا الموضوع من شخصيات فنية واجتماعية وثقافية. وأدار الندوة الاعلامي الأستاذ عاطف الغانم التي بدأها بحديث عن اهمية الفن للمجتمع ودوره في توعيته، وتحدث بصورة مختصرة عن ضيف الامسية حيث تم عرض لقطات تلفزيونية لاحاديث مصورة سجلها مع المحاضر الذي تخرج من قسم المسرح بمعهد الفنون الجميلة في بغداد، وتخصص في الإخراج المسرحي والسينمائي، وقام بالعديد من الاعمال الفنية المتميزة آخرها اخراجه للمسلسل الاجتماعي الكوميدي “طاش ما طاش” الذي حصد الكثير من الجوائز على مستوى المهرجانات العربية.

ورحب راعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب في البداية بالحضور وبكل من الأستاذ عبد الخالق الغانم والأستاذ عبدالعزيز اسماعيل مدير فرع جمعية الثقافة والفنون بالدمام، مشيرا إلى اهمية موضوع الفن بالنسبة للمجتمع حيث انه العاكس الحقيقي للواقع الاجتماعي، ولذا فينبغي التعاطي معه كاحد العناصر الرئيسية في تثقيف المجتمع وكشف واقعه، مطالبا بمزيد من الاهتمام بهذا العمل الانساني  وتوظيفه بصورة تخدم المجتمع وتعالج اشكالاته. وأشار إلى ان منتدى الثلاثاء الثقافي من هذا المنطلق يهتم بشكل كبير في التواصل مع مختلف مجالات الابداع المتميز وبالخصوص ما له ارتباط بثقافة المجتمع وتطويره، مؤكدا على ضرورة تقدير الدور الذي يقوم به المبدعون من فنانين وغيرهم. وأشاد في كلمته بالعمل الكبير الذي يلعبه الاستاذ عبد الخالق الغانم من خلال تجربته الفنية الثرية التي عمل فيها بكل تفان ومثابرة ليكون مثالا لأبناء المنطقة الطموحين كي يتبوؤوا مواقعهم على الصعيد الوطني من خلال ابداعهم وانفتاحهم واصرارهم على تجاوز العقبات.

بدأ الأستاذ عبد الخالق الغانم حديثه عن مفهوم الفن، مشيرا إلى أنه – أي الفن – هو الجمال وكل ما يتعلق بالإنسان خصوصا دون غيره من المخلوقات، وان هذه العلاقة أزلية منذ ان وجد الانسان على هذه  المعمورة، حيث ان الفنان يعمل على توظيف الفنون الجميلة لتصب في تجسيد الحدث الدرامي، مع ان لفظة الفنان قد تطلق على اي خبير او متخصص في مهنة او حرفة معينة. وأشار إلى ان الفنون بدأت تدخل معترك الحياة، وإنها ليست فقط لتسلية المجتمع، بل لدفع عجلة التطور إلى الأمام والارتقاء به نحو حياة أفضل. وأضاف ان كثيرا من الفنون مثل المسرح والموسيقى والسينما قادت تحولات وتغييرات في مجتمعاتها لانها كشفت عن واقع المجتمع، فكانت جميعها تساهم في تغير المجتمع نحو حياة أفضل. واعتبر أن مختلف الوسائل المستخدمة للفنون الجميلة هي اقرب في محاكاة الحالة الإنسانية، لأنها تجسد شخصيات الأحداث للمشاهد لتتناغم مع عقله ووجدانه.

وتحدث عن علاقته بالفن وولعه به منذ الصغر حيث كان يدخر مصروفه الشخصي من اجل ان يشاهد فلما سينمائيا ايام حياته في العراق، وكان دائما يتخيل ان يكون داخل المشاهد السينمائية مع فريق التمثيل ويسرح خياله كثيرا ليمثل ادوارا عديدة. ورأى ان تجربته في العمل الفني غير مكتملة وان امامه شوط كبير وافكار طموحة يرغب في تحقيقها ولكنها قد تتعطل بسبب غياب المناخ الفني المناسب وعدم وجود المتخصصين في مجالات العمل الفني المختلفة حيث يساهم ذلك في وجود بعض العقبات والمصاعب امام الفنان. واستذكر بعض المسلسلات الكوميدية الساخرة التي كان يتابعها في صغره، ومن بينها صورة الممثل العراقي الذي كان يتخذ من كرسيه المطوي الذي كان يجلس عليه ضمن الطوابير الطويلة مع الناس من اجل الحصول على خدمة معينة لدى الدوائر الرسمية ويقرأ جريدته او يتحاور مع مجاوريه حول قضايا المجتمع.

وانتقل الغانم بعد ذلك للحديث عن مسلسل “طاش ما طاش” الاجتماعي الكوميدي كاحدى التجارب الدرامية التي أحدثت حالة من المناداة إلى تغيير السلوك الاجتماعي المتعصب لعاداته وافكاره إلى ان يكون أكثر تطورا وتحررا، حيث أن البرنامج لا يهدف الى المتعة والتسلية فقط وانما يتضمن رسائل ثقافية واجتماعية مهمة تطرح هموم وقضايا المواطن السعودي بقالب كوميدي ساخر. وأكد أن وظيفة المسلسل هي تسليط الضوء على السلوكيات الاجتماعية الخاطئة، باعتبار ان مصدر الافكار التي يستقيها البرنامج هو من ابناء المجتمع انفسهم. واعتبر الفنان الغانم ان “طاش ما طاش” نجربة نجاح للفنان السعوي بشكل عام حيث أنه أبرز العديد من الطاقات والمواهب لطرح قضايا كثيرة الحساسية والتعقيد وتفكيك أجزائها الفكرية والثقافية. كما تحدث ايضا عن تجارب النجاح التي حققها البرنامج على اكثر من صعيد اعلامي ورسمي ودولي.

وحول الرقابة على العمل الفني، أشار الغانم الى ضرورة توفر اجواء حرية مناسبة من اجل الابداع والتطوير، مؤكدا على الدعم المعنوي الكبير الذي حظي به القائمون على هذا االعمل الفني من قبل المسئولين في المملكة. واستعرض تجربة اول الحلقات التي قدمها ونالت استحسان كبار المسئولين وعلى راسهم سمو وزير الداخلية والتي تتحدث عن موضوع الهدر المالي، حيث تدور احداثها حول عامل لاصلاح ماسورة احدى مباني الدولة فطلب مبلغا بسيطا (50 ريالا) ولكن المسئول اقترح عليه مضاعفة المبلغ لمشاركته فيه، وعندما رفعه لمديره طلب هذا ايضا منه مضاعفة المبلغ وهكذا الى ان تحول الى مشروع لتوسعة دورات المياه بمبلغ (5 مليون ريالا)، وبناء عليه تم تصغير جميع المكاتب من اجل تنفيذ المشروع وبناء دورات المياه، ثم قام احد المفتشين بجولة تفقدية واستغرب من هذا الوضع فاقترح مشروعا جديدا بنفس المبلغ لاعادة تعديل المكاتب الى ما كانت عليه.

وقال في نهاية حديثه ان عملية اعداد الحلقات تواجه احيانا العديد من العقبات والمشاكل الادارية والفنية، مشيرا الى ان الحركة الدرامية في السعودية لا تزال حديثة وناشئة، وأن هنالك محدودية في قيام التلفزيون في دعم الانتاج الفني. وأكد في حديثه على أن هنالك تحولا ايجابيا كبيرا في زيادة هامش الحرية المتاحة في المجتمع للحديث عن قضايا كانت تعتبر من المحرمات. وذكر الغانم ايضا انهم بصدد التعرض لمواضيع اجتماعية معاصرة من قبيل حالة المناطقية والقبلية التي تضر بالوحدة الوطنية داعيا الحضور الى المشاركة في تقديم مالديهم من افكار او قضايا تعالج مشاكل اجتماعية محددة.

وأعرب الاستاذ عبد العزيز اسماعيل مدير فرع الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بالدمام وكاتب مادة المسلسل المشهور “مجاديف الامل” عن سعادته بحضور اللقاء والاستفادة من الحوار الفني المتميز، مشيرا الى اهمية العمل المشترك لازالة العوائق التي تحول دون الابداع والتطوير في العمل الفني بمختلف اشكاله. وطالب بضرورة ايجاد مراكز ثقافية متعددة ترعى الاعمال الفنية كالمسارح، والمعاهد الفنية، والمراكز الثقافية لترعى اعمال الفنانين من اجل استثمار طاقاتهم وكفاءاتهم لانه خلاف ذلك يعني خسارة واهدار لهذه الطاقات التي تتسرب الى مواقع اخرى في الخارج. واكد ايضا على ضرورة وجود الانظمة والقوانين التي تحمي العمل الفني والقائمين عليه والمشاركين فيه، وتؤكد حقهم الطبيعي في ممارسة هذه الانشطة الابداعية.

وفي نهاية الحوار، طرح العديد من الحضور مداخلات واسئلة حول تجربة مسلسل “طاش ما طاش” شملت ضرورة دعم تجربة الافلام الشبابية القصيرة، وضرورة تجديد الوجوه الفنية، وأهمية مراكز ومعاهد التدريب الفني، والاستفادة من المواقع المحلية والاثرية في محافظة القطيف في تصور بعض الحلقات. وختم مدير التدوة اللقاء بشكر المحاضر والحضور داعيا اياه الى مزيد من التفاعل والتواصل مع المجتمع ومتأملا في برامج ابداعية جديدة في الموسم القادم.

 

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

التغطية الإعلامية

 

المحاضرة الكاملة: 

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد