صحافة الخليج وتحديات المستقبل

3٬870

استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف مساء الثلاثاء 5/ جمادى الأولى/ 1428هـ الموافق 22/ مايو/ 2007م وكيل وزارة الإعلام المساعد للاعلام الخارجي سعادة الدكتور عبد العزيز بن صالح بن سلمة لإلقاء محاضرة حول “صحافة الخليج والتحديات المستقبلية”. وقد أدار الندوة الاعلامي الأستاذ ميرزا الخويلدي الذي بدأها بالتعريف بالمحاضر، وهو أستاذ مساعد بقسم الإعلام في كلية الآداب بجامعة الملك سعود وأشرف على إدارة وتحرير صحيفة رسالة الجامعة التي تصدر منها لمدة عامين، كما رأس قسم الإعلام فيها، وعمل مستشارا غير متفرغ في وكالة الإعلام الخارجي وأمانة مدينة الرياض، وكان المندوب الدائم للمملكة في منظمة اليونسكو بين عامي 1996- 2001م.

تحدث مدير الندوة في البداية مقدما شكره باسم المنتدى للمحاضر ومؤكدا على اهمية الاعلام الذي خصص له اكثر من محاضرة خلال هذا الموسم الثقافي للمنتدى، مشيرا الى التطورات التي يمر بها الاعلام الخليجي في هذه المرحلة، وخطورة التحديات التي تقف امامه.

بدأ الدكتور بن سلمة حديثه عن أهمية الإعلام للمجتمعات الإنسانية دون استثناء ودوره في نشر الوعي والثقافة، وتحدث عن أثر الاعلام في إزالة واختراق الحواجز الفكرية وانعكاسها على سيادة الدول الوطنية كونه فضاء مفتوح اتسع مداه بالتطورات التكنولوجية التي غيرت مفاهيمه ورؤاه وطريقة تفاعل الناس معه. وفي مراجعة تاريخية لنشوء الإعلام الخليجي أكد المحاضر أنها ضرورة تقتضيها آلية التعامل مع هذا الواقع، فذكر أن حركة الصحافة الخليجية تعبر عن تجربة راسخة بعد أربعين سنة من ظهورها، وأنها مرت بثلاث مراحل مهمة كان أولها في العام 1928م حين أصدر عبد العزيز الرشيد في الكويت “مجلة الكويت” ونقلها بعد عام كامل للبحرين تحت ظروف خاصة، إلا أن البحرين لم  تعتبر انطلاقتها الإعلامية قد بدأت مع هذه التجربة بل بصدور “صحيفة البحرين” الأسبوعية في العام 1939م واستمرت حتى بعيد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وكان لها الدور الرائد في الدعاية البريطانية ضد حليفتها الألمانية. لتهدأ بعدها حركة الصحافة بما لا يسترعي الانتباه حتى خلال الأربعينيات من القرن الماضي.

وأشار المحاضر للمرحلة الثانية والتي بدأت في الفترة 1949- 1956م، وكانت تمثل النقلة الحقيقة للصحافة بصدور بعض الصحف والمجلات والدوريات البحرينية، والتي عكست حالة الوعي والإدراك في المنطقة وتحولاتها، وكان أهم هذه الإصدارات مجلة “صوت البحرين” حيث عبر عنها بانها أرقى مجلة خليجية صدرت منذ بداية الصحافة حتى اليوم كونها تخصصت في طرح القضايا الساخنة على الساحة وتوظيف الأقلام المثقفة للتعاطي معها والمساهمة في رفع مستوى الثقافة في المجتمع حيث كان من أبرز كتابها ابراهيم حين كمال، محمد محمود المردي، حسين جواد الجشي وغيرهم، وكانت أبرز القضايا التي تبنتها المجلة قضية استعمار الثقافة التي شجعت العديد من الأقلام البارزة في مختلف الدول العربية على المشاركة لمدة عامين تعرضت فيها المجلة للرقابة الشديدة والتضييق عليها حتى توقفت لتعيش الصحافة الخليجية حالة من الهدوء الذي لم يؤثر على انتشارها مقابل تبادل هيمنة الصحافة المصرية واللبنانية في الستينيات، لتعود للازدهار مرة أخرى في السبعينيات، وفيها استحوذت الكويت على حصص عالية في توزيع سوق الصحافة بشكل عام، وتتفرد الكويت بظاهرة استقطاب الأقلام التي شجعها بعد المنطقة عن التوترات السياسية التي تشهدها معظم دول المنطقة العربية.

وفي تطور هذه المرحلة أشار الدكتور بن سلمة إلى دور الطفرة الاقتصادية في السعودية في السبعينيات والتي أثرت في صحافتها بشكل ملموس ساعدها فيه قرار الملك سعود في الستينيات بنقل الصحف السعودية داخل وخارج المملكة على نفقة الدولة، فأتاح بذلك إمكانيات كانت على مستوى تلبية احتياجات المواطن في الاطلاع على مجريات الأحداث وإن منعت الرقابة بعض الدوريات من الدخول للبلاد بسبب حرب بعض التيارات والأيديولوجيات التي انتهت بانهيار الكتلة الشيوعية.

تحدث المحاضر بعد ذلك عن المرحلة الثالثة التي مثلت نقلة نوعية في تاريخ الصحافة الخليجية التي بدأت بانكسار بنية الأقلام الكويتية على أثر غزو العراق لها، والذي عوض عنه ظاهرة البث الفضائي المباشر تأسيا ببعض القنوات الأجنبية، لتظهر مبادرات خليجية مشابهة بدأتها السعودية بتأسيس قنوات تذبذب إعلامها بسبب تشوش الرؤية ربما لحداثة التجربة كقناة ام بي سي، اي ار تي، اوربت، روتانا، لتظهر بعد ذلك قنوات أخرى تجاوزتها في الرؤى والطرح.

كما تطرق ضيف الندوة إلى التحديات التي تواجه الصحافة الخليجية، وحصر أهمها في التطور التكنولوجي والذي يراه عامل إيجابي يتمثل في الكثير من تداعياتها، نحو زيادة أعداد الصحف الإقليمية في المناطق وقوتها التي تفرضها بحكم القرب من القارئ والتفاعلية المباشرة مما يرفع من مستوى تميزها لديهم، ونحو رواج استخدام الإنترنت الذي عده عاملا حيويا لرواج صحافة المؤسسات، فضلا عن كونه مصدر منافسة بينها، ونحو إنشاء القنوات الفضائية الإخبارية والقنوات الأجنبية باللغة العربية. كذلك عد المحاضر تحول المؤسسات الإعلامية إلى مؤسسات مساهمة تحد ٍ قد يؤدي إلى طغيان عامل الربح التجاري لزيادة الدخل على حساب المادة المهنية، وعلى أساسه يجامل كبار المعلنين الذين يمثلون قوة مؤثرة على مضامين المعالجة الإعلامية.

وختم المحاضر حديثه بذكر تحدي الجانب المهني وقلة المتخصصين والمحترفين في المجالات الإعلامية المختلفة، الأمر الذي يضطر المؤسسات الإعلامية للاستعانة بخبراء من خارج المنطقة في التغطيات الصحفية، حاثا المؤسسات الإعلامية على تخصيص جزء من أرباحها لتدريب الكفاءات التي ستكون بطبيعة الحال مكسبا للبلد، مؤكدا عليها التعبير عن مشروع وطني يسعى لتوعية المجتمع بمجريات الأحداث وتحصينه ضد الإعلام المضاد.

وقد حضر الندوة عدد كبير من المثقفين والإعلاميين ورجال الدين الذين كان لهم جميعا حضور في إثراء الحوار بمداخلاتهم حول تقييم الإعلام الخليجي والعوائق التي تواجهه، وعن أهمية افساح هوامش اوسع لطرخ بعض مواضيع القضايا الساخنة وكتاب الرأي وطباعة الكتاب السعودي، وعن دور الإعلام الرسمي في بلورة مشروع وطني يعكس التنوع  الاجتماعي والفكري القائم. وأثارت العديد من المداخلات نقاشات ساخنة تجاه القضايا المطروحة، حيث اختتم سعادته الندوة بشكره الجزيل للمنظمين وسعادته الباغة بزيارة المنطقة الشرقية ولقائه بهذا الجمع المتميز من مثقفي المنطقة وعلمائها.

 

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

التغطية الإعلامية

 

المحاضرة الكاملة: 

 

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد