قراءة في فكر الشيخ كاشف الغطاء

4٬139

ضمن برنامجه الأسبوعي مساء الثلاثاء 18/ 10/ 1425هـ الموافق 30/ 11/ 2004م استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف الدكتور حسن علي العباس، أستاذ اللغة الانجليزية والمتخصص في دراسات الشرق الأوسط متحدثا حول فكر الإمام كاشف الغطاء ودوره الإصلاحي (1877 – 1954م)، وقد قدم المحاضرة وأدارها الأستاذ ذاكر آل حبيل عضو اللجنة المنظمة للمنتدى، وعضو هيئة تحرير مجلة الكلمة حيث تحدث في مقدمته عن أهمية الإصلاح على الصعيد الديني والاجتماعي مشيرا إلى أهمية الدور الذي قام به الشيخ كاشف الغطاء في هذا المجال.

بعد ذلك، بدأ المحاضر الدكتور حسن العباس التعريف بمشروعه البحثي الذي نال على إثره درجة الدكتوراه من جامعة أريزونا بالولايات المتحدة الأمريكية، والذي كان تحت عنوان “الإمام كاشف الغطاء: المرجع الإصلاحي في الحوزة العلمية في النجف” وذلك عام 1996م، فتحدث بداية عن أسرته، وبيئته العلمية التي نشأ فيها حيث بين أن أسرته تنتسب للصحابي الجليل مالك الأشتر، وجاء اسم عائلته من كتاب مهم ألفه جده الشيخ جعفر تحت عنوان “كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء”. وسرد المحاضر الدور العلمي والديني والسياسي الذي تبوأه زعماء أسرة آل كاشف الغطاء في إيران والعراق، حيث كان لبعضهم دورا في التوسط بين الحكومة العثمانية والقاجارية لحل الخلافات الحدودية بينهما، وبدأ الشيخ كاشف الغطاء قبل بلوغه الخامسة عشر من عمره في جمع كتابه “العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية”، ووصل إلى أعلى مراتب الدراسة في الحوزة وهو ابن ثمانية عشرة عاما، حيث درس على يد مراجع عظام، أبرزهم الخراساني والخليلي والميرزا الشيرازي، ومحمد تقي الشيرازي، والذين كان لمعظمهم مواقف سياسية مشرفة تجاه ثورة التنباك (1891م)، والثورة الدستورية في إيران (1905 – 1911م) وثورة العشرين في العراق (1920م).

عرج بعد ذلك المحاضر على أبرز مؤلفات الإمام كاشف الغطاء، حيث كتب وشرح وترجم كثيرا من الكتب يصل عددها إلى 67 كتابا في الفقه والتفسير والأدب والفكر الإسلامي والسياسة، ومن أبرز مؤلفاته “الدين والإسلام أو الدعوة الإسلامية” الذي اعتبر من أهم الكتب التي مثلت فكر الحركة الإسلامية في العراق وألفه لمواجهة سياسات الغرب وخططه تجاه الدول الإسلامية، ووجه فيه نقدا لاذعا للمسلمين على تخلفهم وتشتتهم، كما ألف كتاب “أصل الشيعة وأصولها” الذي طبع أكثر من أربعين مرة بمختلف اللغات، وكان غرضه توضيح المعتقدات والمفاهيم لدى الشيعة بصورة موضوعية وعلمية تساهم في تعزيز الوحدة الإسلامية، وتضييق الخلاف بين المسلمين. كما جاء كتابه “المثل العليا في الإسلام لا في بحمدون” ردا على مؤتمر دعي إليه يجمع بين العلماء المسيحيين والمسلمين لبحث القيم الدينية مقابل مخاطر الشيوعية على المجتمع.

وتحدث الدكتور العباس أيضا حول أبرز آراء الإمام كاشف الغطاء في موضوع إصلاح الحوزات العلمية حيث كان ناقدا إياها سواء من ناحية قبولها لعموم الطلبة دون أي ضوابط أو إجراءات واضحة أو حول نظامها التعليمي والدراسي الذي كان يرى فيه هدرا للوقت في ظل غياب المنهج التربوي والتعليمي الواضح، وبالخصوص تدريس المواد القديمة وعدم وجود امتحانات للطلبة، كما انتقد الإدارة المالية لدى مؤسسات المراجع الدينيين والقائمين على الحوزات العلمية، وحالة الانغلاق لدى بعض التقليديين (المتقدسين) في الحوزات العلمية وصرفهم الطلبة عن مطالعة الصحف ومتابعة الإذاعات وتعلم اللغات الأجنبية والفلسفة، واستعرض العباس المصاعب التي لاقاها الإمام كاشف الغطاء مثل بقية الإصلاحيين من قبل الجهات الدينية قبل القوى الأخرى، وذلك بتوجيه اتهامات عديدة ضده كالتشكيك في علميته واتهامه بالبخل والتدخل في السياسة. وتحدث المحاضر عن دور كاشف الغطاء في مجال تطوير وإصلاح الحوزة العلمية في النجف حيث جدد مدرسة جده الشيخ جعفر وهيأ الدروس فيها بصورة منظمة، واختار الأساتذة اللائقين وأعد لها لجانا فاحصة لامتحان الطلبة في أوقات معينة، وفرض الرواتب بحسب حالة الأشخاص وقيمة أعمالهم، ثم تبرع بمكتبته الكبرى التي تشتمل على أندر المخطوطات وأنفس الكتب العلمية والأدبية والفلسفية، وعين لها موظفين أكفاء.

وحول مشروعه الوحدوي، تحدث المحاضر عن أبرز ملامح رؤية كاشف الغطاء في موضوع الوحدة الإسلامية، ومنها استحالة إزالة المذاهب الإسلامية وتوحيدها، مطالبا بالتمسك بأسس وأصول الإسلام، وحق الكل في اختيار المذهب الذي يرتئيه، ويرى أن أول خطوة باتجاه الوحدة الإسلامية هي ترك الجدال وإثارة الخلافات المذهبية كلية، مقترحا إقامة المؤتمرات الإسلامية لبحث شؤون المسلمين وتوحيد صفوفهم، وجاءت مشاركة الإمام كاشف الغطاء البارزة في مؤتمر القدس في ديسمبر عام 1931م، وإمامته للصلاة لجموع الحاضرين من أشهر علماء المسلمين وكبار الشخصيات من حوالي 22 دولة إسلامية كنموذج بارز على فاعليته ودوره في هذا المجال، حيث ألقى خطابا وحدويا رائعا اعتمده المؤتمر لترجمته لمختلف اللغات في الدول الإسلامية وطباعته تحت عنوان “الخطبة التاريخية التي ألقاها في الجلسة الثانية عشرة من جلسات المؤتمر الإسلامي العام سماحة العلامة الجليل الإمام الحجة المجتهد الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء يوم الاثنين 4 شعبان سنة 1350هـ”

وفي نهاية محاضرته، عرض الدكتور العباس أبرز آراء الإمام كاشف الغطاء في القضايا السياسية من خلال لقاءاته وحواراته مع السفراء الغربيين الذين حملهم وبكل جرأة وصراحة مسؤولية النكسات التي تتعرض لها الأمة الإسلامية، ودوره البارز في تاريخ العراق الحديث، كما أوضح أيضا موقفه من المرأة الذي بدا عليه التحفظ في نشاطها السياسي والاجتماعي. وأخيرا استعرض مجموعة من أقوال العلماء والمفكرين والباحثين حول الإمام كاشف الغطاء ودوره الإصلاحي.

بعد ذلك، فتح باب النقاش للحوار والمداخلات حول الموضوع والتي تركزت حول مختلف جوانب حياة الشيخ كاشف الغطاء والبيئة الاجتماعية والسياسية التي عاش فيها وأهمية دوره الإصلاحي في العالم الإسلامي، وأجاب المحاضر على بعض هذه الأسئلة والمداخلات.

 

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد