التعليم العالي.. آفاق وعقبات

3٬875

ضمن برنامج المنتدى للموسم الثقافي الحالي، شارك الدكتور فؤاد محمد السني الأستاذ المحاضر بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران في منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف بتاريخ 19/3/1424هـ بمحاضرة تحت عنوان “التعليم العالي: آفاق وعقبات”، وقد قدم المحاضر التربوي والكاتب الأستاذ أسعد النمر الذي عرف الدكتور السني وقدم سيرته الذاتية مؤكدا على خبراته واهتمامه بشؤون التربية والتعليم وتطويرهما.

بدأ الدكتور فؤاد السني حديثه عن العصر الذي نعيشه وهو عصر المعلومات أو ما أسماه بريجنسكي في بدايات السبعينات بالعصر التكنتروني، وهو عصر تتزايد فيه المعرفة البشرية كل 5 سنوات تقريبا، وعصر المعلوماتية هذا يعتمد على “المعرفة” كمصدر جديد للقوة والثروة (في مقابل اعتماد الأرض في عصر الزراعة واعتماد رأس المال في عصر الصناعة)، وبطبيعة الحال فإن هذا المصدر يستحيل احتكاره والسيطرة عليه وحرمان الغير منه، وأشار إلى أن بين المسيرة العلمية للأمة الإسلامية في وقت ازدهارها والمسيرة العلمية التي تضطلع بها الأمم المتقدمة الآن مشترك في أخذهم بأسباب التقدم والذي يتمثل في ضمان تراكم المعرفة بشكل صحيح ووجود روح المخاطرة وكذلك وجود دوافع الابتكار والإبداع.

هذه العوامل هي التي نهضت بالأمة الإسلامية في تلك الفترة وهي نفسها التي نهضت بسببها الأمم المتقدمة، وهذا المشترك منعدم إلى درجة كبيرة من الأمة الإسلامية في وقتنا الراهن، وانعدامه يشكل أحد الأسباب الرئيسية في بقائنا في ما نحن فيه من تخلف و تيه و انكسار.

ونوه إلى إن الدول المتقدمة تنظر إلى العلم و التعلم نظرة إستراتيجية، فهذا تقرير “أمة في خطر-1983” يدق ناقوس الخطر في المجتمع الأمريكي وعيا منهم بأن التعليم هو القوة التي لا تستطيع بدونه تحقيق الفوز في الصراع الاقتصادي العالمي، وبدون تعليم متطور و مبدع وريادي فإنها سوف تخسر تفوقها العلمي و الصناعي، ونرى حركة مشابهة في بريطانيا التي أدخلت إصلاحات واسعة على نظامها التعليمي في عام 1988م، وفي نفس الإتجاه نرى تخصيص قمة رؤساء دول السوق الأوروبية المشتركة في عام 1986م “لدراسة مخاطر التلكؤ العلمي والتكنولوجي على دول أوروبا”.

وأشار الدكتور السني إلى البون الشاسع في مستوى الأداء التقني و العلمي والإداري بيننا وبين الغرب حيث أنه في ازدياد مع مرور الزمن، فإننا أمام وضع يبحث على الكثير من الإحباط و اليأس في أحد جوانبه ولكنه يبعث على إثارة الهمم و المثابرة في الجانب الآخر. فنظرة سريعة لعدد البحوث التي ينتجها العالم العربي نراها لا تتجاوز 1،7% من النتاج العالمي الموجود في الدوريات العالمية، بينما إنتاج الولايات المتحدة يتجاوز ال35%، أي أكثر من 20 ضعفا مما ينتجه العرب بالرغم من تقارب عدد السكان، فتقليص الفجوة الكبيرة و المتزايدة الحجم صعب إن لم يكن مستحيلا، فعلى سبيل المثال فإنه تحت افتراضات متفائلة جدا فانه إذا استمر أداؤنا بنفس مستواهم خلال المائة عام الماضية فإننا سوف نكون في مستواهم الذي هم فيه الآن بعد خمسين عاما، ولكن سيكون مستواهم أكثر منا ب 1000 ضعف على الأقل.

ولخص الدكتور السني أبرز المعوقات التي تقف في طريق الجامعة من تحقيق رسالتها المطلوبة ومنها: غياب النظرة الإستراتيجية و البعيدة المدى للعلم و التعليم، وغياب المشروع الوطني الذي يجمع المهتمين ويدفع الطلاب منذ بدايات مسيرتهم الدراسية ما قبل الجامعة، وغياب البنية النحتية (من مؤتمرات ومراكز بحث وموارد دعم مالية سخية) التي تحول التعليم العالي ليكون منتجا وشريكا فاعلا في مسيرة التنمية، وضعف المردود المادي للعاملين في المجال العلمي، وعدم استشعار المجتمع وتقديره لأهمية العلم ودوره في بناء المجتمع وتقدمه، عدم جدية الشريحة الأكبر من الطلاب في دراساتهم وعدم أخذهم الدراسة هما رئيسيا في مشوارهم العلمي، وتغييب الكفاءة و العدالة و تكافؤ الفرص على كل المستويات الطلابية وأعضاء هيئة التدريس والإدارية.

وأشار السني إلى دراسة ميدانية قام بها العام الماضي أوضحت أن 30% من الطلاب فقط يخصصون الوقت الكافي للدراسة، و60% من هؤلاء الطلاب لا يعيرون للوقت أهمية ولا ينظمون أوقاتهم هذا بالرغم من أن أكثر من 60% يشعر بوجود وقت الفراغ لديه، 40% منهم يقضي هذه الأوقات في الترفيه، و65% غير راضين عن أدائهم الدراسي، و50% منهم لهم اهتمام بمجتمعهم.

وبعد المحاضرة شارك الحضور بمداخلات ومناقشات مستفيضة حول هذا الموضوع المهم وأجاب الدكتور السني على استفساراتهم المختلفة.

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد