“فلسطين لن تنسى”: أمسية شعرية في افتتاح موسم منتدى الثلاثاء

3٬491

على مخملية الوحي، بحضور غفير وتفاعل كثير، دشن منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف موسمه الثقافي الخامس عشر بأمسية شعرية صدح فيها تسعة من الشعراء المتألقين بقصائد ألهبت الحس بتفاصيل القضية المركزية للأمة.

(فلسطين لن تنسى) كان عنوان الرفض الذي مجد روح المقاومة وعزتها مساء الثلاثاء 14 ذو القعدة 1435هـ الموافق 9 سبتمبر 2014م، إذ غصت القاعة رجالا ونساء أبدع فيهم الإعلامي الشاعر محمد الحمادي مستنطقا كبار شعراء الأمة كنزار قباني وأحمد مطر وسميح القاسم ومحمود درويش، ومستعرضا مقاطع من أشعارهم الضاجة بالرفض لثقافة الانهزام، لاستقبال شعراء الأمسية المشاركين. 

 وكان الأستاذ عيسى العيد، رئيس اللجنة المنظمة لهذا الموسم قد شكر الحضور على  حضورهم وتفاعلهم، وكذلك الهيئة الاستشارية للمنتدى على دعمها وحسن مشاركتها في التخطيط لبرنامج الموسم الذي وعد بأن يكون متميزا ومتناسبا مع القضايا المطروحة في الساحة المحلية والإقليمية، منوها على أن اختيار القضية الفلسطينية لتكون باكورة أنشطة الموسم إنما يأتي رفضا لمحاولات قمعها وإقصائها ونسيانها، وتأكيدا على أن تكون حاضرة دوما.

في وقفته، ألهب الشاعر المرهف الإحساس حبيب المعاتيق حماس الحضور بقصيدته “للقدس وللربيع الذي هب” تناول فيها وضع المنطقة العربية ممثلا حالة الانتقال من اليأس المطبق إلى الأمل القادم الذي يعيد للأمة مكانتها وهيبتها:

هنا يعصر الثائرون الغمام
وتساقط الأمنيات على رغمها
بطول البلاد التي أنهكت بالرغام
وتنفتح الأرض بالزهر
ما بين قبر شهيد على ضفة النصر
وما بين قصر شهيد على ضفة الإنهزام

ولأن القلوب كانت معلقة، كان لابد للمعاتيق من أن يشدها بإشارة مدركة لزمن ما بعد الهزيمة بقوله:

وهذا أنا في غمار القصيدة
جاءت بي القدس في لجة من مدادي
أغني على نغم الإنتصار،
ولى زمان الهزائم في ملتي واعتقادي
أتيت وهذا النهار الذي قد تجلى علينا
مشينا به مسرجا في الأيادي
وخارطة من حدود البلاد القديمة
منقوشة على قطعة من فؤادي

وألقى الدكتور أحمد الريماوي رئيس اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين في السعودية قصيدة عنونها بـ “غزة وعبق النصر” أخذ فيها أفئدة الحضور إلى ساحات المواجهة في غزة، مصورا معارك المقاومة في مواجهة جحافل الجيوش الجرارة

غزة غنت شجنا للزلزال
نسجت رمزا للإقبال
نقشته لنا مثل الأمثال
أن الحب نضال
أن العشق قتال
أن الشوق نزال
غزة تعرف …
أن القال إزار الحال
غزة تعرف …
أن الأفق الطالع في الأعماق …
لها خلخال

ويعلن الشاعر المتألق تحديه للطغيان والإذعان والظلم في مقطوعة جريئة ومؤثرة من قصيدته، ليقول:

شعري ياصاح تحدى الطغيان
تحدى الإذعان
تحدى القسمة …
قلم أظفار البطش الواهم
شعري ليس مسالم
شعري ليس مساوم
يفقأ عين الظالم
سجل ومض الرفض
ولمع سيف القرض الصارم
قاوم يا إيقاع الوحدة … قاوم
قاوم شبق الباغي الآثم

وتألق الشاعر الشاب حيدر العبد الله في عرض جميل لإسقاطات تاريخية لصمود الفلسطينيين إبان حملة القائد الفرنسي نابليون بونابرت، فبعد أربعة وستين يوما من حصار عكا تبخرت كل أحلامه بالاستيلاء على الشرق. وقال في هائيته “عكا على أسوار بونابرت”:

أنظر ل(بونابرت) يزحف نحوها * * من (مصر)ه زحفا ومن (سينا)ه

وأنظر لذئبته على أســــــوارهـــا * * تعوي، وداخلها تحوم منــــــــــاه
ما راود الأسوار إلا والظــــــلال * * تغنجت، وتمنعت حسنـــــــــــــاه
هو يشتهيها، وهي ترمحه بحــــا * * فرها، وتلعن فحشه وخنــــــــــاه!
وتقول: أن الشرق ليس فكاهـــــة * * لنديمه، أو مومســا لزنـــــــــــــاه
الشرق شهقتها إذا ما تينــــــــــــة * * شحذت سنان الغصن: واتينـــــاه!

وتحت عنوان “غزة”، طوح الشاعر المجدد جاسم عساكر على الجمهور بعقال عاطفته في قصيدة شدت مسامع الحضور ونالت استحسانهم، إذ مثل فيها لعلاقة حميمية بين (غزة) الأم وأبنائها الشهداء وهي تزفهم إلى الشهادة واحدا تلو الآخر:

 

لم نكتشف في الأمهـــات كـ ii(غزة) ** أما، تزف إلى الردى أبنـــاءها
ماراعها بين الأجنة صمـــــــتهـــــا  ** إلا ألأجنة، تستجــــــيب نداءها
وقفت على البارود تمع كحــــلهــــا ** ومن الرماد تخضبت حنــــاءها
ومشى بها نحو الصباح حنيـــــــنها ** والمجد يمشي بالصمود وراءها
خنقوا بها عطر الحقول فلم تمـــــت ** خنقوا الشذا، فتنفست شهداءهـــا

ويواصل تمجيده لمقاومة غزة وصمودها مستدركا بنفخة حياة مختلفة في وجه الموت:

لكنها كانت برغم رمـــــــــــادهـــــا ** تهب الحياة جمالهــــا وبهاءهـــا
ما أعلنت رغم الأسى استسلامهــــا ** صمدت تراهن أن تطيل بقاءهـا
صلى دم في أرضها فاعشوشبــــت ** بين الصخور وأنطقت صماءهـا
قد حلقت، ما علقت رحلاتهــــــــــا ** لمطار عزتها تشق فضاءهـــــــا
ولوجه (عيسى) موعد في أفقهــــا ** يوما يعيد إلى المياه صفاءهــــــا
هي (غزة) هي عزة هي هــــــــزة ** عدد الكرامة، عددت أسماءهــــا

وكانت للشاعر المتألق علي الشيخ وقفة استبشار عبر عنه بقصيدته “انزلاق الجفاف” حين رسم للموت وجها آخر لا يليق إلا بأعراس الشهادة:

 

مرحى لغزة وهي تبتكر اللظـــــــــى * عدما، وتعطى المستحيل سلاحها
أقدامها تبني كثافة كونهـــــــــــــــــــا * تلقي على شجر السرى ألواحهـــا
وتزرر الملكوت فوق شواهــــــــــــد * كان الخلود بها هناك أراحهـــــــا
وتبوصلــــــت كل الجـــراح لغـــــزة * أرض تموت ولم تخت مصباحها
ما عاد للنجوى فراغ واضـــــــــــــح * حتى الظلام عن الظلام أزاحهـــا
تتقيأ الغربـــان بعضiســـــــعالــــــها * إن حاولت غدرا تهيض جناحهـا

أما الشاعر فريد النمر فقد ناجى الله بنونيته العذبة “يارب الطفولة” من أجل حماية أطفال فلسطين من القتل والتشرذم والعنصرية، مخللا نصه بنعوت لا تشبه غير فلسطين بعبق تاريخها ورسائل أنبيائها:

إن كان حبك يا إلهي وحده يمتد في الأرواح للغفران
فاسكب على الأرض الكئيبة رأفة مجلوة لتسامح ألأديان
وابعث لنا من اشهى غيبك بلبلا يئس الغراب بخيبة البستان
ما عاد (آدم) مطمئنا للهوى في أرضه من قسوة الطوفان
مازال مندهشا لصوت رصاصة محشوة بعقيدة الطغيان
ويريبه حجم التشرذم في المنى في فاتة لشراهة النيران
يارب من أجل الطفولة كن لنا أملا بفيض بضحكة الشطآن

ولـ (غزة) في قلب الشاعر المـتألق زكي آل سالم مشاعر فياضة وأحاسيس متقدة صبها في نص يشبهها نادى فيه الثائرين ليعلن لهم تضامنه، في ظل التخاذل العربي الذي كان له معه وقفة عتاب وشكوى:

أواه يا رمز الأباة الثائرين
قد جئتم متأخرين
فزمانكم هذا الحكيم الفذ قد أهدى لإسرائيل زهرة ياسمين
فلإنها فيض من الإحساس
لا تفهم غير الياسمين
لغة المدافع صعبة
لغة القنابل صعبة
قاموسها أعيا عتاة العارفين
فاستسلموا للذل يامن لم تعوا
أن الحياة رقيقة
تهوى الذليل المستكين

وألقى الشاعر محمد حميدي قصيدته المعنونة (احتفال) من ديوانه (الحطام) وهو تحت الطبع وعمل على كتابته إبان حرب عزة الأخيرة، ويقول فيها:

أجل حفلك بعض نهار
حطم في داخلنا العار
أشبع رغبتنا
أن دماء الشهداء تفور
أن أمانينا صارت أكبر
نحن وراءك يا غزة
نعلم أن الحلم الميت يثور
أن أصابعنا ستلامس وجهك، تربك والنور
أن أصابعنا ستلامس نبتا أخضر
نحن حديقتك الخلفية
ودماؤك تجري في نهر الأرض
لن ننسى أنا غزة

وختم الحفل الشاعر عبد الله سيالة الذي فاجأ الحضور بقصيدة شائقة  جسر فيها العلاقة بين غزة وأهالي القطيف شاكرا هذا التضامن الوجداني للقضية في افتتاحية صادقة قال فيها:

من أرض غزة للقطيف تحيـــــــــة * ممزوجة بالطهر والإخـــــــلاص
معزوفة نغماتـــــــها زغــــــــرودة * متبوعة دوما بصليات رصــاص
تتراقص النغمات في تنيــــــــــــاتها * كسحابة يرغو لها النمـــــــــاص
يتسامرون بقربهــــا شهداؤهـــــــــم *والكل يتلوا ســــــورة الإخلاص

 

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

التغطية الإعلامية

 

المحاضرة الكاملة:

 

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد