نبض بين الخط والنيل: أمسية شعرية

3٬536

بحضور ادبي وثقافي متميز، نظم منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف أمسية شعرية تحت عنوان “نبض بين الخط والنيل” باستضافة الأستاذ الشاعر مصطفى الكحلاوي (مصر)، والأستاذ الشاعر علي الشيخ (القطيف)، وذلك مساء الثلاثاء 23 ذو الحجة 1436هـ الموافق 6 اكتوبر 2015م وتخلل الأمسية فقرة حوارية حول الشعر والشعراء ودورهم الثقافي في المجتمع.

وقد سبقت الندوة فعاليات مصاحبة، فقد تمت استضافة مجموعة “ربليون بيكشر” المهتمة بإصدار أفلام اجتماعية توعوية والتي أسسها كل من حسين المحفوظ وماجد السيهاتي ومرتجى حميدي، وتحدث حسين المحفوظ عن المجموعة وأنها أصدرت خمسة أفلام منذ تأسيسها عام 2013م وحققت المركز الأول بفيلم “بنان” ضمن مسابقة “إقرأ” التي نظمتها شركة أرامكو للتحفيز على القراءة، كما أنتجت فيلمين بالتعاون مع ادارة المرور هما “لحياتهم ثمن” و “قرار”. وتحدث أيضا الأستاذ هاشم العبد الله عن معرضه الشخصي الذي يشارك به في المنتدى هذا الأسبوع والمتخصص في التصوير الضوئي الخاص بكرة القدم، شارحا بداياته في تصوير المباريات المحلية ثم تدرج الى التصوير على مستوى المملكة ودول الخليج، وهو حاصل على بكالوريوس إعلام ويعمل محررا صحفيا تلفزيونيا مع قنوات الجزيرة الرياضية، ومصورا متعاونا مع وكالة سي ان ان العربية.

بدأت الأمسية الشعرية التي أدارها الشاعر فريد النمر مرحبا بفارسيها والحضور، واصفا الضيفين بأنهما شاعران امتلكا زمام اللغة باتساع جهاتها الشعرية وملامحها الجميلة الفارعة مدللين جهة القصيدة بين غزل وحب وفرح مستشهدا بمقولة هيجل: “إن الله يلهم الشاعر بيتاً واحداً، وعلى الشاعر أن يكتب القصيدة كاملة”. وعرف مدير الأمسية بالأستاذ مصطفى الكحلاوي الحاصل على ليسانس آداب من جامعة حلوان، ويعمل مدرسا للغة العربية، أصدر ثلاثة دواوين شعرية، وكان أحد المشاركين في مسابقة أمير الشعراء – بالإمارات – عام 2008م، يكتب بأكثر من جريدة صحفية ومجلة عربية، اشتهر بمقاله الجدلي “شوقي لا يستحق ان يكون أميرا للشعراء”.

كما عرف بالشاعر الأستاذ علي الشيخ الحاصل على بكالوريوس لغة عربية، له عدة أنشطة أدبية منها تأسيسه لجماعة المهجر الجامعي بالرياض، وعضويته بمنتدى الكوثر الأدبي بالقطيف، وله دراسة بعنوان “قل تعالوا” و”ملاحظات نقدية على كتاب صفي الدين الحلي”، واخرى بعنوان “قراءة في ذاكرة الزمن” نشرت في مجلة الواحة التراثية. صدر له “عند سدرة المنتهى” بالاشتراك مع السيد محمد الخباز وديوان “مملكة التسبيح”، ومجموعات شعرية أخرى مخطوطة.

ضمن ثلاث جولات شعرية ممتعة تناوب الشاعران في القاء القصائد وسط اصغاء وتصفيق الحضور قدم فيها الشاعر مصطفى الكحلاوي من جمهورية مصر مقطوعات شعرية في الحب والعشق بدأها بقصيدة “الحب في الزمن الصعب” والتي جاء فيها:

أحبك في زمان القهر.. لا أخشى المرابينا
ولو جاءت رياح الموت.. تعصفنا ستحيينا
وأرفض من يساومني … عليك أو يعادينا
وأعرف أن أزماني ….. سترهقنا وتشقينا
وأهواك ولو موتا ….. فحبك قد يداوينا

تلاها بقصيدة مرهفة الحس “غربة وحنين”، جاء فيها:

ينازعني الحنين إليك والشوق فهل يوما لمحت القلب يحترق
هي النيران تعصفني وتحرقني ذا أبحــــــــرت مبتعداً فنفترق فيا احلى من الذهب ويا أغلى من الماس اليـــك القلب يستبق
تحاصرني سهامك كلما أمضي فتأسرني وتسكنني وتختــــرق
كما ألقى أيضا قصيدة “عــلميـنــي”، جاء فيها:

علميني من دموعي كيف أهرب علميــــــــــني كيف في عينيك أبحر كيف أنسى كل جرح في حياتي كيف انســـــــــــى كل حلم قد تبخر وادخلي في كل جزء من وريدي واسكنيني واستعيدي الشمس تزهر
لا تخافي من جنوني أو جموحي وامنحيني ضــــــــوء عينيك لأسحر
غيري نبضي تعاـــــلي أخرجيني من زماني إن قلبــــــــــي قد تصحر

وختم مشاركته بقصيدته “الوقت الضائع” قال فيها:

لماذا جئت يا قمري إلى صحراء ايامي
وقد جفت ينابيعي وماتت كل أغصاني ؟
رميت سهام عينيك عصفت بكل وجداني
قلا سحر يخلصني ولا أرض سترعاني
أحاول منك أن أهرب ونبض القلب يعماني
فكيف أقاوم الموج وسيف الحب أرداني.

واختتم الأستاذ الكحلاوي مقطوعاته بقصيدة ” الليل والقضبان وعيناك”، يقول فيها:

مسافات ٌ
وقضبان
وعيناكِ
ورغم البعد اهواك
فلا ليل سيبعدنا ولا موت يفرقنا أحبك سوف أكتبها على عيني .. على قلبي وانقشها على قبري
فحبك كالهوى يجري بأنفاسي .. بشرياني.. بإحساسي..
فلا تبك
فدمعك سوف يحرقني يحاصرني ويخنقني
فما عمري وما عشقي سوى ذكرى إذا تبكي ..

أما الجولة الشعرية للشاعر علي الشيخ، فقد استعرض بعض نتاجه الشعري العمودي والتفعيلة تناولت مواضيع متعددة مبتدئاً برائعته “رغيف نبي” في شخصية الرسول محمد (ص) قائلاً:

أعيدوا على سمعي حكاية بوحه فلي باتساع الوحي شوق لصبحه
على سحنة الماء المقفى رأيته يداوي جراحات الضمير بجرحه
فجففت ظل الياسمــــــين لعلني غامـــــر في تأويل آيات شرحه
سأستغفر الماء الذي في نبوتي لأصبح يوما من عبارات مدحــه
أن أدعـــــــــــي أن النبوة متعة يعلقها طـــــــه على باب صرحه
وان جميع الأنبياء تعلموا دروس الهوى من بعض أجراس لوحـه

ثم قدم عدة مقطوعات اتسمت بالعذوبة والغموض أحياناً مبتدئاً بقصيدته “سديم العدم”، ورد فيها:

يجيء على فمي غزل عفيف ويخصف أه مدمعــي الرغيــف
أنا نصف من الكلمات مهمــا تشرد بعضها رقص الرصيــف
كرائحة الأنوثة وهي تغــري ثقوب الغيب تصهرها الحروف
سأولد من رتوش الماء ذنباً “قطيفيا” ويـــا نعم القطيفُ !!

ثـم تـلاها بمقطـوعــة بعنـــوان “آخــر رشـــفة” :

الشوق يعبث بي وعندي أسئلـــة من درب الثغر الشهي وقبلــــــه
من راود الرقص الموشى بالندى من سرب الوله المذاب وحن له
يامن زرعت السنبلات على فمي وطبعت في من المحبة سنبلــــه
كن انت آخر رشفة أشتاقهـــــــا فالعشق آخره يغازل أولــــــــــه

ومن قصيدته “انزلاق الجفاف” أنشد قائلاً :

شدت بزيتون الجفاف وشاحها وطهت بثقب الأنبياء جراحهــــا
تـرفـوا مسافة دمعها برمادهـا دفئا .. وتمنح للقاء سماحهــــا
معجونة بالوقت تدعك ظلهـــا غيبا… وتستر بالعفاف قداحها
مسكونة بالوحي . ملأى بالإبا إن شردت ليلاً .. تمط صباحها
تتسكع الطرقات فوق إزارهــا فوضى المنافي ..إذ تزم رياحها
لاشئ كالزيتون حاـــــول مرة قضــــم المساء فلفعته رماحها

وفي مقطوعة قصيرة بعنوان “ترميم” قال فيها:

عطش المسافة أن يرممك الرصيف ولربما.. احتاج الربيع الى الخريف الماء يظمأ .. ربما .. لا تسألـــــوا لا فرق بين الناس في لغة الرغيف
لكنني رغم التشرد والأســــــــــى تحتاج آمالي لذاكــــــــــرة القطيف
واختتم الشاعر الشيخ تقديمه بقصيدته “وعلم آدم الشعراء”، قالها وفاء في حق الأديب الكبير السيد عدنان العوامي:

آت وفي لغتي شوق يحن لكــــا

ياصانع الحرف بوح الحرف لحنكا

ياأيها الساجد الأحلى لنخلتنــــا
بالله حسبك أن الشوق أتمركـــــــا

في الساجدين غدا قدما يغازلنا

أن القطيف قوارير خلقــــــــن لكا

الى أن قال:

قلتَ القطيف القطيف القلب خبأها

قالت فسبحان من بالقلب خبأكا

لو فتشوا كل عرق فيك ما وجدوا

إلاّ القطيف يصلي نبضها معكا

وفي معرض النقاش الثقافي حول الشعر ودوره، أشار الشاعر مصطفى الكحلاوي إلى أن الشاعر ضمير أمة، ويجب أن يتفاعل معه الناس ولا يكون كذلك إلاّ إذا كتب القصيدة بأسلوب السهل الممتنع وابتعد عن الكتابة النخبوية. وقال أن الشاعر المصري كامل الشناوي صاحب ديوان “لا تكذبي” يعتبر من عمالقة الشعراء المعاصرين وشعره يفوق شعر نزار قباني، وتعبيرا عن تجربته الشعرية أوضح أن “القصيدة تكتبني، ولا اكتبها، فالنص بلا عاطفة لا يعد نصاً”.
وتحدث الشاعر علي الشيخ قائلا أنه لا بد أن تكون القصيدة نصا مثقـفا عابراً للمحيطات وليس عابرا للعاطفة فقط، وأن القصيدة الناجحة هي التي تقرأ بأكثر من تأويل نصي، وتكمن لذة النص في وصوله إلى التعددية التأويلية في تفاعل حميمي مع المتذوق من خلال حسه بالنص. وعلق الشاعر مصطفى أبو الرز بقوله أن القصيدة يجب أن تشرك المتلقي من خلال الغموض الذي يثير الأسئلة لديه، والغموض يختلف عن الايهام.

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

التغطية الإعلامية

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد