المطرودي يفكك آليات منهج شحرور بمنتدى الثلاثاء

2٬216

أفي أمسية ثقافية متميزة حضرها لفيف من المثقفين والكتاب، نظمها منتدى الثلاثاء الثقافي مساء الثلاثاء 19 جمادى الأول 1441هـ الموافق 14 يناير 2020م وحاضر فيها الباحث في اللسانيات التطبيقية الأستاذ أحمد المطرودي كانت تحت عنوان “منهج الدكتور محمد شحرور: رؤية نقدية وتحليلية”، جرى فيها العديد من المداخلات الثرية حول الموضوع من قبل المشاركين. وأدار الأمسية عضو المنتدى الأستاذ محمد الشافعي، وألقى المحاضر الضوء على المنهج والأدوات في مشروع الدكتور شحرور، وتقاطع مشروعه مع أبرز مشاريع التجديد في قراءة النص، ومدى نجاحه في توظيف الأدوات الحديثة في مشروعه.

وصاحب الأمسية فعاليات ثقافية متعددة شملت عرضا لفيلم توعوي قصير حول سبل الاحتيال المالية، وكلمة  للفنانة بلقيس الأمير التي تحدثت عن تجربتها الفنية ونظمت معرضا تشكيليا في المنتدى، كما تم تكريم  الدكتورة فاطمة المغلق التي تحدثت عن تجربتها في الأبحاث العلمية التي قدمتها خلال دراستها. وعرضت الأستاذة خلود البحراني كتابها “المذكرة العلاجية للقراءة والإملاء” الذي وقعته في نهاية الأمسية، وقدم ضيف شرف الأمسية أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك سعود الدكتور عبد الخالق العبد الحي دروع التكريم للمكرمين في الأمسية.

افتتح اللقاء مدير الندوة الأستاذ محمد الشافعي  متحدثا عن أهمية مشاريع التجديد في الفكر الإسلامي ومستعرضا نماذج منها، ومتناولا مشروع الدكتور محمد شحرور والذي وقع حوله جدل كثير بين مؤيد ومعارض، وولد فهما ملتبسا عند الكثيرين، وعرف بالمحاضر الأستاذ أحمد المطرودي المتخصص في اللسانيات التطبيقية والباحث فيها، واسهاماته الفكرية المتعددة والمناصب التي تقلدها في عدة وزارات. في بداية محاضرته، تناول الأستاذ المطرودي عرضا سريعا عن مكانة العقل والنص في الحضارة العربية والإسلامية مقارنة بمثيلاتها اليونانية والأوروبية الحديثة مشيرا إلى أن العقل في الثقافة العربية قد امتد إلى المعرفة حيث تتأسس على الأخلاق بينما في الثقافات الأخرى امتد العقل إلى الأخلاق، التي تتأسست على الأخلاق. وأضاف موضحا أن الحضارة العربية والاسلامية قامت على أساس يشكل فيه النص الديني والشرعي مركز ثقل ويتماشى هذا مع جدل الإنسان العربي مع الواقع من جهة وحواره مع النص من جهة أخرى.

وبين أن الدكتور محمد شحرور من الباحثين الجادين واعتمد في تناول النص القرآني على اللسانيات الحديثة والأرضية المعرفية المعاصرة، ورأى أن ذلك كفيل بتقديم فكرجديد مؤسس على منهج معرفي معاصر يخترق الكثير مما يطلق عليه مصطلح الثوابت في المنظومة التراثية، وخاصة الفقه وأصوله. ويشير إلى أطروحات شحرور في تقسيمه التاريخ الإنساني إلى مرحلتين: مرحلة الرسالات ومرحلة ما بعد الرسالات التي يميزها بتوسيع دائرة العقل حيث يسود فيها القانون المدني الإنساني القابل للتغيير باختلاف الزمان والمكان. واستطرد أن شحرور قد يكون تطبيقه في مجمل كتاباته سبق التنظير، ففي كتابه “الكتب والقرآن” ذكر شحرور مختصرا لقواعد التأويل التي فصلّها لاحقا في كتابه “تجفيف منابع الإرهاب” حيث أن تلك الأدوات أصبحت أوضح في ذهنه في مرحلة تالية.

وتوقف المطرودي عند بعض المفردات المنهجية التي تناولها شحرور من بينها في مجال الإيمانيات كقوله أن آيات القرآن الكريم نص إيماني وليست دليلا علميا، وأن التاريخ الإنساني في مسيرته قادر على الكشف عن مصداقية القرآن الكريم، وأن القرآن مكتف بذاته ولا يحتاج شيئا من خارجه ليفهم، وأن هناك فرق بين التحريم والنهي، معتبرا أن القيم الإنسانية تدخل في العمل الصالح وهي ليست وقفا على أتباع الرسالة المحمدية. أما حول ألأوليات، فبين المطرودي أنها عند شحرور تنطلق من كون النص اللغوي يقوم على مؤلف النص والقارئ أو السامع الذي يتحتم عليه أن يوظف معلوماته ومعارفه وتجاربه ليفهم النص، حيث أنه لا يمكن لإنسان واحد أو مجموعة من البشر في جيل واحد أن يفهموا القرآن الكريم فهما كاملا ومطلقا كما أراده الله.

أما في مجال اللغويات، فأورد المحاضر مجموعة من المسائل التي عبر عنها شحرور في منهجه من بينها، أن الألفاظ خدم للمعاني، وأن هناك مسكوت عنه في القرآن الكريم تقتضيه البلاغة، ,إن القرآن الكريم طور اللغة العربية وألغى الترادف والتركيب فيها، وأن تطور مستوى الدقة في فهم نصوص القرآن الكريم في العصر الحديث أعلى بكثير مما كان عند السلف بسبب تقدم العلوم، وأن التدوين والتقعيد جاء لاحقا باللسان العربي وتابعا للقرآن لا سابقا له، وأن علوم اللغات واللسانيات تطورت كثيرا وتجب الإفادة منها عند دراسة النص القرآني. ولخص أبرز محاور المنهج الفكري لشحرور بقوله إنه لا يمكن فهم أي نص لغوي إلا على  نحو ما يقتضيه العقل، وأن الإعجاز القرآني يقوم على استعمال مختلف الأدوات وأساليب البلاغة والبيان التي عرفها العرب، وأن القرآن الكريم يقوم على المصداقية والتطابق مع الواقع ومع القوانين الطبيعية والفطرة الإنسانية، وأن نصوص القرآن الكريم لا تفهم بأسلوب فهم الشعر الجاهلي ومفرداته، وأنه لا أحد يملك الإدارك الكلي للقرآن في كلياته وجزئياته، وأن القرآن الكريم يحمل طابعا إنسانيا لا عربيا.

وقارن المحاضر بين منهجي شحرور وأدونيس وتقاطعهما حيث رصد مواطن التحول والإبداع في الفكر العربي والاسلامي وأقام عليها مشروعه الفكري، فالفكر المتحول في الثقافة العربية يتشكل في صورتين: إحداهما من خلال جعل النص قابلا للتكيف مع الواقع وتجدده أو في فكر يعتمد على العقل ولا يرى في النص أية مرجعية، وأن الثابت لم يكن ثابتا باستمرار كما لم يكن المتحول متحولا دائما. وأشار إلى أن أدونيس يرى أن طريق الإصلاح لا بد أن يقوم على هدم البنية التقليدية السائدة في الفكر العربي والثقافة الاتباعية التي تحارب الإبداع وتدينه وتحول دون أي تقدم حقيقي، مما يتطلب خطوات باتجاه تحرير الإنسان العربي من الدين الذي أصبحت قدراته مقيدة بسلطة الوحي. ويوضح المحاضر أن أدونيس حاول تلمس حضور تلك الأدوات في فترة زمنية من التاريخ العربي والإسلامي وهذا ما لم يقم به شحرور باعتباره قد قرر أن يتجاوز القديم دفعة واحدة.

وفي بداية المداخلات، طرح الدكتور توفيق السيف رأيه في منهج شحرور أنه اهتم بالنهضة والتجديد الديني، وأصبحت المواقف منه محددة إما نقد له ولمشروعه أو تأييد، مطالبا بأن يتم التركيز على توضيح هذه المواقف للانطلاق لمناقشتها، وأشار الأستاذ نادر الإبراهيم إلى أن شحرور قد يتوافق في بعض أطروحات منهجه مع مفكرين آخرين مع أنه قد طرح منهجا فكريا جديدا يختلف عمن سبقوه. وأوضح الأستاذ منصور سلاط أن شحرور قد يلتقي مع أركون في بعض أفكاره التجديدية، وبيّن الأستاذ مجد الزاير أن هناك عدم وضوح في منهج شحرور كما هو الحال لدى بقية المفكرين، معتبرا أنه من المجازفة اتباع مناهج تجديدية غير متماسكة.

وأوضح الأستاذ أحمد الخميس أن منهج شحرور الاستدلالي لا يعرف الثبات في الحكم الشرعي بل يستند على الواقع وتاريخية النص الديني مما يعني أيضا اشتراكه في ذلك مع أركون. وتناول الشاعر علي البحراني مستوى الوعي والفهم لدى المتلقين بحيث تتشكل لديهم القدرة على قبول أو رفض ما يطرح في الساحة من أفكار بعضها صادمة. وتحدث ضيف الشرف في الندوة الدكتور عبد الخالق العبد الحي في كلمته الختامية عن مجموعة قضايا ومحاور وضعها شحرور ضمن منهجه شملت تطور اللغة وآلياتها وأدواتها وجدلية الكون وتحول الإنسان وامتلاكه الجدل الثنائي والفردي، مضيفا إلى ذلك تصور شحرور حول العقل ودوره واتساق الدين مع السنن الكونية.

     

    

   

 

لمشاهدة بقية الصور اضغط هنا

التغطية الإعلامية

 

التقرير على يوتيوب:

 

كلمة ضيف الشرف الدكتور عبد الخالق العبد الحي:

 

كلمة الفنانة بلقيس الأمير:

 

 

كلمة الكاتبة خلود البحراني:

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد