قال الاختصاصي في التخطيط والتصميم العمراني المهندس بدر الحمدان إن البعض يتعامل مع التراث بصورة عاطفية، بينما هو يحتاج لتنظيم ومنهجية علمية واضحة، ولخص العناصر المؤسسة لبناء منظومة فاعلة لإعادة الحياة لمواقع التراث العمراني، في الاستثمار في الإدارة والتشغيل، وصون وحماية مواقع التراث العمراني، والتخطيط والدراسات والأبحاث، وتفعيل التراث العمراني الرقمي. وحل الحمدان ضيفاً على ندوة حوارية تحت عنوان “عودة الحياة لمواقع التراث العمراني”، نظمها منتدى الثلاثاء الثقافي مساء أمس (الثلاثاء) وتحدث عن مختلف أبعاد عودة الحياة لمواقع التراث العمراني والتحديات التي تواجهه. وأدار اللقاء المعماري سامي الحداد.
وعرّف المحاضر التراث العمراني بأنه “كل ما شيده الإنسان من مدن وقرى وأحياء ومبانٍ مع ما تتضمنه من فراغات ومنشآت لها قيمة عمرانية، أو تاريخية، أو علمية، أو ثقافية، أو وطنية، وإن امتد تاريخها إلى فترة متأخرة”. وقال إن “أبعاد التراث العمراني تتمثل في عودة الحياة إلى المكان، واعتباره مولداً اقتصادياً ومصدراً للهوية الوطنية”. وبيّن الحمدان أن “أحد أهم المعايير الرئيسة لانضمام مواقع التراث العمراني لقائمة التراث الثقافي والطبيعي في اليونسكو هي أن يمثل الموقع إحدى القيم الإنسانية المهمة والمشتركة لفترة من الزمن أو في المجال الثقافي للعالم”.
وتابع أن “التحدي الرئيس أمام عودة الحياة لمباني التراث العمراني في المملكة كون 85% منها ملكيات خاصة وأن 80% من هذه الملكيات لا توجد لها وثائق، ما يسبب في توقف الكثير من المبادرات الاستثمارية، كما أن نزع الملكيات من قبل الدولة لا يحقق الاستدامة المطلوبة”. ووجه الحمدان الأنظار إلى أن إعادة الحياة لمواقع التراث العمراني تتطلب تعريف الناس بهذه المواقع بصورة جاذبة، وتهيئة البنية التحتية بصورة مناسبة، وإيجاد فعاليات مستدامة في هذه المواقع، وعندها يعادل عائد الاستثمار في هذه المواقع أضعاف عوائده في المشاريع الأخرى.
وأوضح أن من أهم ملامح خطط العمل لإحياء مواقع التراث العمراني: الانحسار التدريجي لدور الحكومة التنفيذي، وتمكين المجتمع المحلي، ووضع سياسات وضوابط مناسبة للتعامل مع هذه المواقع، وتأهيل المكاتب الهندسية والمقاولين، وتعزيز التدريب وتأسيس مسارات تعليمية متخصصة”. وختم الحمدان حديثه بالقول إن “الجمعيات المعنية بمواقع التراث العمراني بحاجة إلى تنظيم وتأهيل لمواكبة الاحتياجات، وهناك بعض النماذج الناجحة في عدة مناطق، لتمكنها من التنظيم المجتمعي وأخذ مبادرات مخططة بشكل جيد”. واستعرض العديد من التجارب القائمة في مناطق المملكة المختلفة التي حققت نجاحاً في إعادة إحياء المواقع التراثية.