الأحمري: المطالب الطائفية وقتية وتؤخر الفوائد الوطنية

3٬320

انتهت المحاضرة ونفدت فرص المداخلات وبدأ الحضور يتناقص. لكنّ ثلاثة من الشبّان أصرّوا على استيقاف المحاضر، وهو يهمّ بالخروج من المكان للإدلاء بمداخلة ألحّت عليهم كثيرا.. قال أحدهم “ابتعثتنا جامعة الملك فهد للتدريب في شركة يابانية اسمها JGC، وكنـّا ستة طلاب سعوديين، ثلاثة سنّة وثلاثة شيعة. ومنذ وصولنا إلى اليابان كنـّا نعرف الحدود فيما بيننا، السنة وحدهم، والشيعة وحدهم، وفرص الاختلاط محدودة جدا. وذات استراحة تدريب؛ صدمنا المهندس الياباني، المشرف على تدريبنا بأنه يعرف السبب في انقسام فريق الطلاب السعودي إلى قسمين.. وقال لنا: أنتم سنّة، وهم شيعة”..!
مداخلة/ قصة أصرّ الشاب علي المبارك على أن يسردها للدكتور محمد الأحمري بعد محاضرته التي استضافها منتدى الثلاثاء الثقافي بمحافظة القطيف، مساء أول من أمس. المبارك قادم من حريملاء، ومعه شاب ثان (محمد أبوشريف)، وثالث (حسين العوى) من بلدة العوامية بمحافظة القطيف. الثلاثة كانوا جزءاً من فريق البعثة. وأمام بشاشة الأحمري أكمل المبارك القصة “كانت الصدمة سببا في إعادة التفكير في علاقتنا نحن السنة بزملائنا الشيعة، وبدأنا نتواصل، ونتحاور، ولم يمضِ أسبوعان حتى أحسسنا بأننا فريق وطني واحد وليس فريقين مذهبيين”.
في محاضرته التي غصّت بالحضور كرر الأحمري عبارة “دور المجتمع العالمي” كثيرا، وربما كان ذلك التكرار إشارة غير مقصودة إلى علاقة السعوديين ببعضهم حين يكونون خارج بلادهم، ينسون أنهم أبناء مذاهب، ويتذكرون أنهم أبناء وطن واحد اسمه “السعودية”. لكن المحاضرة المعنونة بـ”العلاقة بين السنّة والشيعة ـ حقائق وأوهام”؛ كانت مزدحمة بالإشارات والإيماءات العامة التي تمكـّن الأحمري من بثها في حالة ودودة جدا. أولى الإشارات كانت حين استهل الجلسة بالحديث عن أن “الرأي أمانة يفترض أن يحملها كل مثقف بحرص وأن يوليها كل اهتمام”. مؤكدا احترامه للعلماء الذين تجاوزوا خندق الطائفية وارتقوا إلى فكر العديد من المجتمعات الحديثة”. وواصل سرد الإشارات الداعية إلى “إزالة الاحتقان بين شرائح المجتمع المختلفة السنيّة والشيعية والتعصب والانغلاق”، و”بعض الآراء والأوهام التي استغلت لتقسيم العالم الإسلامي”. وفي هذا السياق كان للتاريخ والتسميات والجغرافيا والأنساب والمشاعر أسباب مفرّقة، وكذلك “دور المجتمع العالمي في إثارة بعض الآراء”. لكن “الرأي يخفف من تعصب المذهب، حيث يؤدي إلى تكشف حقائق وأفكار ذلك المذهب ويكشفه لنا ويوضح لنا نقاط الضعف والقوة فيه”، والكلام للأحمري”.
وبالمقابل فإن الرأي يكشف ممارسات “يتبعها بعض المثقفين كالتعصب الثقافي بين الوقت والآخر, وتعصب المشايخ سواء كانوا معممين أم من ذوي الغتر الحمراء”. وحذر الأحمري من “خيانة المثقفين.. وهذه الخيانة خطيرة للغاية لأنها تصدر عن شخص مثقف ذي معرفة يستطيع أن يغرر بها عامة الناس”. ومثـّل المحاضر بقوله “من أبرز الخيانات الثقافية التي حدثت في القرن الماضي هي خيانة مثقفين في أوروبا عندما استجابوا للحركات القومية العنصرية المتشددة، وانتهت تلك الحركة العنصرية بالحرب العالمية الأولى وما تلتها من حروب نتجت عن التساهل”. الأحمري تحدث بشكل مستفيض عن دور الرأي والحقائق والأوهام المرتبطة بالمذهبية والطائفية. مشيرا إلى الحقيقة التي يُصنع منها وهم. ومن هذه الحقائق “التاريخ الذي يُستغل بشكل خطير بين الناس, بإخراجها بين وقت وآخر للمجتمع لاستغلاله فكريا وثقافيا ولاغتياله”.
وبعد مروره بقائمة طويلة من أسباب نشر الأوهام في علاقة السنّة والشيعة ختم الأحمري محاضرته بنصائح وجهها لـ”الخروج من الجمود المذهبي والقناعات العقدية إلى الإسلام ومن أجل التحرر من التوترات بيننا”. وحذر الأحمري من أن “السعي إلى مصلحة الطائفة قد يعطي فوائد للحظات، ولكنه يحرم من فوائد الوطن لسنوات طويلة”. (المصدر)

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد